السلام عليكم,أنا فاطمة, في أواخر الثلاثينات من العمر, متزوجة وأم لثلاثة أبناء: ولدين وبنت, زوجي موظف في إحدى الإدارات العمومية, وأنا معلمة في إحدى المدارس الإبتدائية, نعيش حياة هادئة نوعا ما, متفاهمة انا وزوجي: نعمل سويا خارج المنزل وداخله, ونعمل معا على رعاية أبنائنا, وعلى تربيتهم تربية حسنة, تجعل منهم رجالا 
ونساءا قادرين على مواجهة المستقبل وتحمل أعباء الحياة بكل مسؤولية ونجاح, نعيش بمدينة كبيرة, ويعيش فيها أيضا بعض أفراد العائلة, الذين كنا نتصل بهم هاتفيا و نزورهم من حين لاخر عندنا تسمح الظروف بحكم مشاغل الحياة والمسؤولية, خاصة في المناسبات والأعياد بغية التواصل معهم وتجديد صلة الرحم,
من بين هؤلاء المقربين, كانت تـسكن في نفس المدينة عمة زوجي وزوجها وابنهاالوحيد الذي كان قد تزوج في الأشهر الأخيرة السابقة, والذي كان يسكن معها في نفس المنزل, كنا من بين الحضور في حفل الزفاف كباقي افراد الأسرة, وتمنينا لهم حياة سعيدة مليئة بالأفراح والمسرات.
في إحدى زياراتنا لهم,علمنا أن زوجة ابن عمة زوجي حامل, ومن طيبعة الحال استقبلنا الخبر بالفرح والسرور, متمنيين لها  ولجنينها كل الصحة والهناء, أصبحت  فيما بعد اتصل بها وأزورها اكثر من المعتاد لأطمئن على حالتها الصحية وعلى حملها, ولأحمل لها بعض الأكلات  بحكم فترة الوحم التي تشتهي فيها الحامل أطعمة معينة, وبحكم ان أم زوجها سيدة كبيرة في السن ولن تقدر على تحضير كل ما تشتهيه زوجة ابنها, كما ان أسرتها كانت بعيدة . اتذكر جيدا خلال محادثتنا في يوم من الأيام, سالتها إن كانت قد قامت بالسونار او التخطيط بالصدى لمعرفة جنس الجنين, فأكدت لي انها لم تفعل لأنها هي وزوجها اتفقا على ذلك لرغبتهما في اكتشاف جنس المولود حين ولادته, أعجبتني الفكرة, لأن الفرحة ستكون كبيرة, والمفاجاة عارمة بمعرفة كل ما يخص المولود في حينه وساعته, و لأن معرفة الجنس قبلا تفقد او تنقص من التشويق والفرحة التي نشعر بها في ذلك اليوم المميز والرائع.
بقينا على هذا الحال الى ان اتصلت بنا في ليلة من الليالي عمة زوجي وهي تخبرنا ان زوجة ابنها تتالم بقوة, وربما حان وقت ولادتها, وان ابنها ليس موجودا بالبيت لانه كان يشتغل ليلا, لذلك اتصلت تطلب مساعدتنا, فور سماعنا لهذا الخبر نهضت انا وزوجي وذهبنا بالسيارة قاصدين بيت العمة, ومن حسن الحظ ان احدى اخواتي كانت في زيارة عندنا,فبقيت مع ابنائي بالمنزل, فور وصولنا ساعدتها على الخروج, وعلى ركوب السيارة بعد ان اعطتني العمة حقيبة كانت فيها جميع ما يحتاجه المولود في ساعاته الاولى في هذه الحياة, اتجهنا نحو المصحة التي كانت تزورها طيلة فترة الحمل, استقبلتنا الممرضة وادخلتها غرفة العمليات, بقينا ننتظر خارجا انا وزوجي بعد ان اتصلنا بالعمة لطمانتها, واتصل زوجي بابن عمته ليخبره ان كل شيء على ما يرام, وانه لا داعي للسرعة المفرطة عند مجيئه, بعد بضع ساعات, خرجت الممرضة مبتسمة وهي تخبرنا ان الام بخير, وانها رزقت بتوام جميل يتمتع بصحة جيدة, شكرتها على مجهوداتهم, وشكرنا الله سبحانه وتعالى على فضله ونعمه التي لا تعد ولا تحصى, اعطيت الحقيبة للممرضة وانا اخبرها ان الحقيبة تحتوي على لباس لمولود واحد لان الام لم تكن تعلم بوجود توام, و لم تكن تعلم شيئا عن جنس المولود, لكنها اجابتني بكل ثقة: انت مخطئة سيدتي, لانها تعلم بحملها وتفاصيله, والحقيبة حتما تحتوي على لباس لكل منهما, لم اصدق ما كنت اسمعه, اخذت منها الحقيبة بسرعة وفتحتها لكي اتاكد مما كانت تقوله, فتحتها ووجدت من كل نوع قطعتين, ويظهر جليا ان الالبسة مكررة وهي لتوام, فعلا كانت تعلم مسبقا انها حامل بتوام ذكر, ذهبت الممرضة حاملة الحقيبة وتركتني في حالة لا اتمناها لاي منكم, احسست بمزيج من الحزن وضيق التنفس وخيبة الامل, بعد لحظات استجمعت فيها شتات افكاري, طلبت من زوجي ان نعود الى المنزل بما انها هي وابناؤها بخير وعلى خير.
لم استطع تجاوز الامر ونسيانه, وبدات افكر واحلل: لماذا اخفت عنا الامر؟ ولماذا كذبت علينا؟ خصوصا واننا علمنا فيما بعد ان كل العائلة كانت تعلم بالموضوع, لماذا استثنتني انا وزوجي؟ هل كانت لا تعتبرني من العائلة؟ هل كانت تخشى من العين والحسد؟ يمكن ان اتفهم واستوعب{ ولو ان الامر غير منطقي} لو انني لم اكن متزوجة, ولو انني لم اكن اما, لقلت ربما خافت ان اغير منها  وان اصيبها بالعين والحسد نظرا لبعض الافكار الخاطئة المنتشرة في بعض مجتمعاتنا عن المراة العاقر والعانس  كما تتم تسميتها مع الاسف, لكنها كانت تعلم جيدا اني متزوجة واعيش حياة مستقرة مع زوجي , وتعلم علم اليقين اني اما لثلاثة ابناء اعتبرهم كل حياتي, على كل حال, لم اعاتبها ولم اذهب لزيارتها عندما رجعت الى المنزل مع طفليها, ليس غضبا مما بدر منها, ولكن بما انها لا تثق بي ولا تستريح لوجودي في حياتها ولا تعتبرني فردا من العائلة لا داعي لان اذهب واقلق راحتها في منزلها, قاموا باستدعائي للعقيقة, لكني لم اذهب ولم امنع زوجي من الذهاب ومشاركتهم فرحتهم, لاني بكل شفافية  لم اتمكن من تجاوز الامر رغم اني اتمنى لها ولابنائها حياة مليئة بالافراح والمسرات, هما اليوم يبلغان الخامسة من العمر ولم اذهب قط لزيارتهم بعد هذه الحادثة, ولا امنع ايا منهم من زيارتنا فبيتي مفتوح في وجه كل من اراد رؤيتنا. في نظركم هل يجب ان انسى ما حدث واتحلى باللامبالاة؟ ام اني على حق في كل  ما فعلته وافعله؟ شكرا مسبقا.

No comments