السلام عليكم,مشكلتي بدأت عندما تم القبض على إبني من طرف رجال الأمن, حيث تغيرت حياتي,وتغير كل ما يتعلق  أكبر لا جدران له ذهب هو للعيش في سجن صغير , بينما بقيت أنا أعيش في سجن 

أنا سيدة في الخمسينات,أعيش في فرنسا  مع  زوجي وإبني الوحيد الذي كان  يبلغ سبعة عشر سنة عند وقوع الحادثة .كنت  دائما أنا وأبوه نحيطه بالرعاية والحب,نعمل جاهدين على تأطيره وتلقينه كل ما يحتاجه في هذه  الحياة لتحقيق  طموحاته وأحلامه بكل جد واجتهاد,ونسعى إلى إدماجه في هذا المجتمع دون نسيان هويته العربية المسلمة

.كان زوجي يعمل في إحدى الشركات, وأنا أعمل بعض الساعات من حين لاخر حتى يكون لي الوقت الكافي لرعاية إبني و زوجي, كان لا ينقصنا شيء, ,لدينا البيت المناسب الجميل,وكل ما نحتاجه في حياتنا اليومية إلى أن أتى ذلك اليوم الذي تغيرت بعده حياتنا حيث استغنت الشركة عن زوجي هو و مجموعة من زملائه في العمل, ولم يعد باستطاعته توفير كل ما تحتاجه أسرته, انتقلنا الى منزل جد ضيق , يتكون من غرفة واحدة و مرحاض, وفي زاوية من الغرفة يوجد المطبخ, كنا نعلم جيدا أنها مجرد مرحلة عابرة , وأن بشىء من الايمان والثقة في الله سبحانه سوف نتجاوز هذه المحنة , لكن إبني لم يتقبل الوضع,انقطع عن الدراسة, ولم يقبل أن يلتحق بأحد مراكز التكوين , أو حتى العمل من أجل اكتساب الخبرة مع مرور الوقت,كل ما كان يقوم به هو التذمر والشكوى والمشاجرة معنا , بعد مدة تعرف على مجموعة من الشبان عديمي الفائدة, شغلهم الشاغل التسكع, وإضاعة الوقت فيما لا يفيد, كثيرا ما كنت أنصحه أنا و أبوه بالابتعاد عنهم , وعدم مرافقتهم لأن الصاحب ساحب , لكنه كان لا يعير كلامي اهتماما, ليس لأنه كان عاقا , أو غير مهذب , بل لأنه وجد نفسه في وضع لم يتخيله أبدا, ولم يستطع فهمه واستيعابه, حاولت أنا وأبوه شرح الأمر له وتهدئته , لكن بدون جدوى, يمكن أن أقول أن ردة فعله تلك كانت عبارة عن عقاب لنا أانه كان يعتقد أننا  المسؤولين عن هذه الوضعية.وحتى أكون صادقة معكم , كان في اعتقاده هذا نسبة من الحقيقة.
بعد مرور بضعة أشهر على هذا الحال,كان إبني وأصدقاؤه الجدد يقومون بجولة في أحد المناطق,فإذا بأحدهم يرى شابة رفقة صديقها, بدأ في معاكستها,مما أدى إلى مشادة كلامية بينه و بين صديق الفتاة, تحولت المشادة الكلامية إلى تشابك و عراك بالأيدي, نتج عنه تدخل باقي أفراد المجموعة لفض النزاع,لكن الفتاة وصديقها ظنوا أن الكل تدخل لحماية صديقهم و الحاق الضرر بهما.تم استدعاء الشرطة ووصل الأمر إلى المحكمة التي قضت بحبس إبني وأصدقائه رغم الاستعانة ببعض الكاميرات التي كانت في عين المكان, لكن المشاهد لم تكن واضحة لأنه في تلك اللحظة اختلط الحابل بالنابل
أنا لا أريد القول أن إبني برئ, بل أعرف جيدا أنه أخطأ, أخطأ عندما انقطع عن الدراسة, أخطأ عندما لم يحاول تجاوز المحنة التي كنا نمر منها,و عندما لم يستوعب ،أن الدنيا كالمصعد فيها صعود ونزول,وأن الحياة تتطلب بعض التحدي والمثابرة والإصرار , وكثيرا من الإيمان والتوكل على الله تعالى, ومن طبيعة الحال أتحمل أنا وأبوه جزءا كبيرا من  المسؤولية إن لم نقل كلها.
كان قد حكم على إبني بأربع سنوات, لم يتبقى سوى بضعة أشهر ويتم إطلاق سراحه إن شاء الله,وأتمنى من كل قلبي أن يكون قد تخلص من جميع أفكاره السلبية, وأن تكون الأربع سنوات قد غيرت من شخصيته,وأن يصبح إنسانا مشبعا بالتفاؤل وحب النجاح, قادرا على تحمل أعباء الحياة ومسؤولياتها, وخصوصا تغيراتها.وهذا هو الغرض من سردي هذه القصة اليوم ,لأني لا أريدكم ان تقعوا في الخطأ الذي وقعت فيه انا وزوجي ,كنا نقوم بتوفير كل ما يحتاجه ابننا , وبتحضير جميع طلباته, لأننا رزقنا به بعد تقريبا عشر سنوات من زواجنا ,لذلك لم ينجح في أول امتحان تعرض له,و لذلك


 قلت سابقا أن في اعتقاده جزء من الحقيقة, امل ان تعلموا أولادكم كل هذه الأشياء منذ الصغر,اأن تعلموهم التحدي والمواجهة وعدم الاستسلام, أننا نحصل على ما نريده بالعمل والجد والاجتهاد وليس بمجرد طلبه من والدينا.

No comments