السلام عليكم, انا سيدة في الاربعين من العمر اسمي عائشة, اسكن في مدينة بركان, احببت اليوم ان احكي لكم قصتي رغم انني اعلم علم اليقين ان اكثركم لن يتفق معي بل هناك من سوف يعتبرني شخصا مجرد ا من الانسانية,ليس لشيء الا لانني كنت منطقية و عقلانية اكثر

.
منذ عشرين سنة مضت تقريبا,جاء لخطبتي احد ابناء جيراننا, كان شابا خلوقا , يعمل في احدى شركات النسيج, ويكبرني بثماني سنوات, استشارني ابي في الموضوع,ووافقت, بل سررت جدا كاي شابة جاء لخطبتها شاب في المستوى.تزوجت و اصبحت زوجة و ربة منزل لانه كان يفضل زوجة لا تعمل{ كنت في بداية حياتي حينها و كنت ابحث عن عمل قبل زواجي} تقبلت الامر ووافقت وانا بكامل قواي العقلية, فلا حرج في ان اكون زوجة و ربة بيت بما ان زوجي كان قادرا علئ التكفل بجميع متطلباتى و متطلبات البيت.بعد سنة و بضعة اشهررزقت بابن ثم ابنة, كان في ظاهر الامر لا ينقصني شيء, وكل من يراني يظن انني زوجة سعيدة,لكن في حقيقة الامر كانت حياتي يسودها الحزن وعدم الامان لان زوجي كان متسلطا, انانيا, لا يعيرني اهتماما, يعتبرني مجرد مربية بل ربما مساعدة منزلية, وكل ما يهمه هو راحته ورجولته وابناؤه, اما انا فكنت اخر ما يفكر فيه, في البداية كنت اقول لنفسي ان الامر طبيعي, فكل منا له ايجابياته و سلبياته ,لكن الامر كان يزداد حدة و سوءا مع مرور الوقت, وفي الاخير كان علي ان اسلك احد الطريقين: اما ان اصبر واستمر في الخضوع والذل,والطريق ما زال طويلا رغم انه مضى على زواجي اكثر من عشر سنوات , او ان انسحب لاحافظ على سلامتي وسلامي الداخلي.
بعد تفكيرعميق,طلبت الطلاق, تحدثت مع والداي ووافقاني الراي لانهما كانا يعلمان جيداما مررت به طيلة هذه السنوات, لكن كان لابي نصيحة وراي ربما سوف يفاجئ البعض لكنني اقتنعت به اقتناعا كبيرا: نصحني ابي بترك ابنائي لابيهم  و ذلك لعدة اسباب :اولها انني كنت لا اعمل , واذا جاؤوا للعيش معي فلن يعيشوا في المستوى الذي اعتادوا العيش فيه, والسبب الثاني هو انني ما زلت شابة في اواخر العشرينات  وامامي كل المستقبل لابني حياة اخرى وانسى ما مررت به, فصديقاتي لا زلن ينتظرن الزوج المستقبلي,لا زلن يدرسن ويطمحن لتكوين انفسهن من اجل حياة افضل,والسبب الثالث والمهم هو ان ابي كان مياوما, انهكه الزمن وجار عليه ولا يقوى  على تحمل المزيد من المسؤولبة, لا اخفيكم الامر, لم يكن الامر سهلا لان ترك اي ام لابنائها والعيش بعيدة عنهم هو بمثابة ترك لقلبها و روحها,ولن يحس بالامر الا من عاش نفس الموقف.
على كل حال ,رجعت الى منزل والداي , وتركت ابنائى مع والدهم, كنت اعرف جيدا انهم سوف يغضبون ويحزنون, وربما سوف يكرهونني بعض الشيء, لكن سوف يفهمون عاجلا او اجلا انني فعلت ما فعلته من اجل مصلحتهم ,من اجل استقرارهم النفسي والمادي اولا ,ومن اجلي ثانيا, فلا ضرر في ان نفكر بالمنطق عوض العاطفة, وان نستعمل العقل عوض الاحاسيس.مرت على قصتي هاته تقريبا عشر سنوات ,وانا الان اعمل كمدرسة باحدى المدارس الابتدائية, متزوجة برجل يكن لي كل الاحترام ,يقدرني ويعاملني بمودة ورحمة,ام لابن ثالث ومن حين لاخر ياتي ابنائي من زوجي الاول لزيارتي, فقد اصبحت علاقتي بهم علاقة قوية بعد ان كانت في وقت مضى باردة مليئة باللوم والعتاب
انا اليوم اريد ان اطرح تساؤلا كثيرا ما كان يراودني: لماذا لا نلوم الزوج عندما يطلق زوجته ويطلق ابناءه معها؟لماذا لا نلومه عندما يذهب لبناءحياته من جديد دون الاكتراث لتلك الزوجة المغلوبة على امرها وما تعانيه في تربية الابناء, معاناة مادية ومعنوية؟ولماذا نصب كل اللوم على الزوجة ان فعلت نفس الشيء؟
انا لا اقول ان المسؤولية في حالة الانفصال يجب ان يتحملها احد دون الاخر,بل يجب ان يكون كلاهما حاضرا في حياة الابناء من اجل مصلحتهم واستقرارهم, لذلك يجب ان يعيشوا مع من يضمن لهم الحياة الكريمة,الحياة الامنة, وعلى الطرف الاخران يتحمل ويضحي من اجل مستقبل فلذات كبده.

No comments