قصتي بدأت عندما ذهبت إلى بلجيكا من أجل الدراسة ,كان كل شيء يسير على ما يرام : ادرس, ومن حين لآخر اعمل حتى اتمكن من الحصول على بعض المال, اضافة الى المبلغ الذي كانت ترسله لي امي{لان ابي كان متوفيا رحمة الله عليه}, بعد بضع سنوات تمكنت من التخرج, وإيجاد وظيفة ,كنت في هذه الفترة قد تعرفت على فتاة بلجيكية ,احببنا بعضنا كثيرا, ورأيت فيها الزوجة المثالية ورفيقة العمر, وكأي شاب ليس له تجارب عدة في الحياة , كان كل ما كنت أريده هو الاقتران بها مهما كانت الاختلافات بيننا , سواء تعلق الأمر بالاختلافات الدينية
,الثقافية ,العادات او التقاليد ,لا يهم, كنت ارى فيها تلك الشابة الشقراء الجميلة ,ذات القوام الممشوق التي طالما كنا نشاهد مثيلاتها في الافلام والمسلسلات الاجنبية, كانت فرحتي عارمة عندما طلبت منها الزواج ووافقت, كنت ارى نفسي محظوظا , لان الله سبحانه انعم علي بكثير من النعم حيث حققت تقريبا كل ما كنت أحلم به منذ مراهقتي لذلك كانت السعادة والفرحة تغمراني.
في الأيام التي كانت تسبق الزواج ,كنا نتحدث في احدى المرات ونستعرض حياتنا المستقبلية , وكيف ساكون سندا لها , وتكون عونا لي في هذه الحياة التي سوف تجمعنا للابد والتي لن يفرقنا فيها سوى الموت , فإذا بها تتطرق لأحد المواضيع التي رأيتها في تلك اللحظة موضوعا بسيطا بديهيا : طلبت مني في حالة ما إذا رزقنا باطفال الا نؤثر عليهم لا انا ولا هي من الناحيه الدينية, وأن نمنحهم الحرية الكاملة حتى يتمكنوا من الاختيار بكامل إرادتهم الدين الذي سيتبعونه ,أجبتها بنعم واتفقنا اتفاقا لا رجعة فيه بخصوص هذه المسالة, فقد رأيت حينها أن ما تقوله عين الصواب لأن حرية الاختيار هي حق من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل شخص في هذه الحياه
بعد تقريبا عامين من زواجنا عشنا فيهما كل الحب والتفاهم, اخبرتني زوجتي عند رجوعي من العمل انها حامل ,كان اسعد خبر سمعته في حياتي ,وكانت لا تقل عني سعادة, فسوف ياتي ذلك الطفل الذي سيكون بمثابة وثاق متين لعلاقتنا ,وثمرة لحبنا والذي سوف يشعرنا بذلك الشعور الرائع, شعور الامومة والابوة لكني لم اكن اظن ابدا ان هذا الطفل سوف يقلب مفاهيم الحياة عندي, ويظهرالفجوة القائمة بيني وبين زوجتي, ويبين جليا الخلافات التي كانت بيننا والتي لم اعرها اهتماما منذ بداية علاقتنا,كيف ذلك؟ ساحاول ان اوضح الامر: عندما وعدت زوجتي باعطاء ابننا الحرية الكاملة في اختيار دينه وعقيدته , كنت اظن انه مجرد كلام سوف نمر عليه مرور الكرام , او بالاحرى كنت ارى ان هذا الامر سوف يحدث في مستقبل بعيد ,او لربما كنت استصغر الامر ولا اعطيه تلك الاهمية التي يستحقها ,اوكنت اعتبر ان زوجتي تتفوه بكلام سوف تنساه مع الوقت ,ولم افهم ابدا انه موضوع مهم, ومهم جدا, وانه على المرء ان يفكر مليا قبل الاجابه بنعم او لا,نعم ان الامر يتعلق بفكرة عميقة مهمة , يجب الوقوف عندها ومناقشتها بكل جد وجدية, فهو يتعلق بالدين والهوية والعراقة, وانا عندما قبلت الفكرة واجبتها بالقبول وجعلتها تمر مرور الكرام ظننت ان الامر مجرد كلام عابر لا اهميه له , وان لكل حادث حديث, فعندما يرزقنا الله بطفل ساربيه التربية التي اراها صحيحة, وبما انني مسلم فلا احد سوف يعترض ,ووعدي لزوجتي لن يمنعني ان اشرح لابني تعاليم ديننا الاسلامي وما يدعو اليه من قيم ومبادئ لكي يقتنع به ويراه الدين الافضل, يكفيني ان اصلي امامه لكي يتاثر في صغره ويسال ويبحث ويصبح مسلما في الاخير, كنت اعتبر نفسي الفائز في هذا الرهان دون نقاش ومجادلة, لكن العكس هو الذي صار, فبعد قدوم طفلنا لهذه الدنيا اعترضت زوجتي على اعطائه اسما عربيا صرفا , بل قالت انه من واجبنا منحه اسما متداولا غير متحيز لا للدين الاسلامي ولا المسيحي, فاخترنا له اسم ادم لانه اسم نجده تقريبا في معظم الديانات على ما اعتقد
بعد بضعة اشهر من ولادته , كنا نريد الذهاب الى المغرب لقضاء العطلة الصيفية هناك , واخبرتها انه بامكاننا ختانه, فالافضل القيام بهذه العملية في هذه المرحلة المتقدمة من العمر, لكنها رفضت بحدة, وقالت انه يجب علينا احترام الاتفاق, قالت انها لم ولن تقوم ببعض العادات والتقاليد التي يقومون بها في الديانة المسيحية للاطفال مثل المعمودية التي تعتبر من اهم الطقوس المسيحية والتي يتم فيها تعميد الطفل بالماء المقدس كرمز للطهارة والانتماء الى الكنيسة وما الى ذلك من العادات والتقاليد ,قالت انها لم تقم بذلك احتراما لاتفاقنا, لذلك من الواجب ان افعل انا كذلك, والا افكر باية خطوة, او اي اجراء نقوم به نحن المسلمون ,يومها فقط علمت ان الوعد الذي اعطيته لم افهمه بعمق حينها ,لم ار الامر بعين ثاقبة, ولم اراه بتلك الجدية, علمت انني ممنوع كل المنع من التحدث مع ابني عن ديننا لان حديثي معه سوف يعتبر خرقا للاتفاق, فكما كانت هي ممنوعة من محاولة اقناعه , انا كذلك ممنوع من ذلك ,لذلك سوف يقوم كل منا بما يجب عليه القيام به تجاه دينه ,وله الاختيار المطلق في كل ما يفعله شريطه الا يحاول التاثير على الطفل, وكل ما علينا فعله في المستقبل هو الاجابه في حالة ما اذا كان له بعض الاسئلة ,حتى نساعده في اختياره للدين الذي يريد ان يتبعه, لا اخفي عليكم ,انا احس بثقل كبير, واني اخطات خطا فادحا, لان الامر حقا كبير وعظيم ,لكني احسست بكبره وعظمته متاخرا , وجدت نفسي في موقف لا احسد عليه, وبدات انظر الى الموضوع من زاوية مغايرة عن الاول,: بدات تراودني بعض الاحتمالات التي لا اجرا حتى على التفكير فيها :اين دوري في حياة هذا الابن ؟ كيف يمكنني ان ابقى مكتوف الايدي والا يكون باستطاعتي تقديم النصائح له ومساعدته وتوجيهه في حياته الدينيه؟ ماذا اذا اختار ابني الدين المسيحي ؟ ماذا اذا اصبح يتناول الخمر امامي؟ ويمتنع عن الصلاه ؟ ا
اتفق معكم كل الاتفاق,يمكن أن يصبح غير متدين رغم نشأته في وسط مسلم , لكن على الأقل في هذه الحالة اكون قد قمت بواجبي واوصلته الى بر الامان بعد ان يصبح مسؤولاعن اختياراته ,اما الان احس ان لا دور لي في حياته , واتفق معكم ايضا اني انا من وضعت نفسي في هذا المأزق العصيب لكن كنت كسائر الشبان الذين يفكرون بسطحية ولا يعيرون اهتماما سوى للشكل والمظاهر, لم يكن لدي بعد نظر, لم افكر في المستقبل البعيد, ولم افكر كيف سوف استطيع تربية ابني تربية عربية مسلمة,كنت انانيا ولم افكر سوى بنفسي, مع العلم انه كان بامكاني تجاوز كل هذا الموقف في حالة ما إذا اخذت الموضوع على محمل من الجد وناقشت الموضوع مع زوجتي منذ البداية بكل حزم وجدية ,واقنعتها ان الابناء يتبعون دين ابائهم وانني لن أجبرها على تغيير دينها لكن ديانه الابناء موضوع غير قابل للنقاش