السلام عليكم, احببت اليوم ان احكي لكم احدى تجاربي في هذه الحياة, وكيف يمكن للانسان ان يقع في ورطة كبيرة , وان يرمي بنفسه الى  التهلكةلا لشيء الا لانه عنيد, لا يسمع نصائح من هم اكثر منه خبرة وظنا منه انهم لا يفقهون شيئاو وان تفكيرهم  ورؤيتهم للمسنقيل محدودة.
قبل عدة سنوات
, كنت في اوائل الثلاثينات من عمري, كنت لا اعمل لاني لم استطع اتمام دراستي الجامعية,كانت عائلتي  ليست بالفقيرة, ولا فاحشة الثراء, وكنا نسكن في منزل جميل و يتوفر على كل مستلزمات الحياة الضرورية, ويقع في احدى المدن البسيطة, حيث كل اسرة تسكن بالاراضي الزراعية التي تملكها, كانت الاراضي مثناثرة هنا وهناك, ويحيط بكل منها مجموعة من الاشجار, كانت اسرتي تحظى بالسمعة الطيبة في تلك المدينة وكانت معروفة جدا بعراقتها وبافرادها, لكني كنت اتطلع دائما الى تحسين مستواي المعيشي وليس المادي, فرغم ان ابي كان غنيا لكني كنت احلم بمستوى احسن في مدينة اكبر, ولم لا في دولة اخرى. كان لدي عمة تسكن في احدى دول الخليج مع بناتها وزوجها, استقرت اولا الابنة التي كانت تعمل كمضيفة, ثم التحقت بها الاسرة باكملها, كانوا عندما ياتون في العطلة ارى انهم يعيشون الرخاء والحياة التي طالما حلمت بها, وفي قرارة نفسي كنت اتمنى ان اكون مثلهم رغم  ان ابي كان يوفر لي ولاختي كل ما كنا نحتاجه.
كنت اتصل ببنات عمتي من حين لاخر ونتحدث عبر الهاتف, وفي احدى المرات اعربت لهم عن رغبتي الشديدة في الالتحاق بهم, ولم لا العمل هناك,وفي احدى المكالمات اخبرتني ابنة عمتي انها تعرف شابا من احدى الجنسيات العربية يود الزواج بمغربية, كانت تقول انه شاب مهذب, انيق, خلوق, عمله محترم, وعندما شاهد احدى صوري بالصدفة في احدى المرات اعجب بي, لا اخفيكم الامر, فرحت كثيرا, وبدات احلم بالحياة التي ربما تنتظرني في تلك الدولة مع هذا الشاب الذي تتمناه كل فتاة, اخبرت اختي بالموضوع, واول شيءقالته هو: بما انه بهذه المواصفات لم لم تتزوج به احدى بنات عمتي, لو كان مثاليا كما يقولون لما اخبرتك عنه بما انهم هن كذلك لسن متزوجات, لكني عندما طرحت نفس التساؤلات على بنت عمتي اجابتني انها تحب احد الاشخاص وهي على وشك الاقتران به, اما اختها لا تفكر في الزواج في الوقت الحالي لانها تريد تكوين نفسها اولا.
بدا الشاب بالاتصال بي من حين لاخر, تعرفنا على بعضنا,واتفقنا على الزواج بعد ان اعرب لي عن حبه لي ورغبته الشديدة في الاقتران بي, من المنطق ومن المعقول في هذه الحالة ان ياتي الشاب الى بلدي والى منزلي ليطلب يدي من والدي كما جرت العادة دائما, لكن بحكم ان بنات عمتي كن يؤكدن على مستواه العالي وعلى غنى ورقي اسرته, لم احبذ ان ياتي لخطبتي من ابي ويرى منزلنا المتواضع, اقترحت علي احدى بنات عمتي  ان التقي به في البلد الذي يعيشون فيه, وبالتالي لن ينظر لي يوما بدونية, ولن يحس اني اقل منه شئنا, لكي اكون صريحة معكم اعجبتني الفكرة, فمنزل عمتي سيكون اكثر رقي, ولا فرق بين ابي وعمتي بالاضافة الى اني ساتمكن من زيارة تلك الدولة المعروفة بالرقي والازدهاروالتطور,لم تكن لدي الجراة الكافية لاخبار والدي بكل هذه الحقائق, كانت الوحيدة التي تعلم كل شيء اختي, ولم تكن متفقة معي في كل ما افعله, كانت دائما تقول لي: من المنطق والمفروض ان ياتي هو ليطلبك من ابيك لان لا احد يقوم مقامه مهما كان, ولا ضرر في ان يراك على حقيقتك وان يرى مستواك المعيشي, فالمهم هي الاخلاق والمبادئ, وما عدا ذلك يبقى مجرد شكليات فقط, بالاضافة الى اننا لسنا فقراء , فابي له وزنه في هذه المنطقة , ونصيحتي الاخيرة لك اختي هي انه من لم يرض بك ويقبلك كما انت فلا يستحقك, كانت اختي الصغيرة, وكنت اكبرها ببضغ سنوات, لكنها كانت تكبرني بسنوات عديدة من الرزانة والعقل والبصيرة.
تحدثت مع والدي{ لم اصارحهم بالحقيقة من طبيعة الحال}, طلبت منهم ان اذهب  عند عمتي  وبناتها من اجل تغيير الجو والاستجمام, ولم لا من اجل محاولة ايجاد عمل بمساعدة ابنة عمتي, كنت اقول لنفسي عندما اذهب وتجري الامور على احسن ما يرام اخبرهم ان احد الشبان من معارف عمتي يود الزواج بي, ولا يمكنه المجيء الى المغرب, لذلك سوف يطلب يدي من عمتي ولم لا عقد القران هناك, عندما تسمح الظروف سوف ناتي لزيارتهم. كان تفكيري محدودا ويتسم ببعض البلادة, ولم تكن نظرتي ثاقبة للموضوع, ففي حالة ما اذا تمت الامور على مل يرام, وكما خططت لها, الن اتي الى بلدي برفقة زوجي؟ الن يرى ابدا منزلنا المتواضع؟ الن يرى المكان الذي عشت وتربيت فيه؟ مع العلم ان ابي كما قلت سابقا كان مفخرة لكل فتاة, كان محترما من طرف جميع من يعرفه, الكبير قبل الصغير, بل كان والدي بالاضافة الى عمله يملك اراضي كثيرة فيها اشجار المندرين التي كان يبيعها للتجار في كل سنة.
مرت الاسابيع وساعدتني ابنة عمتي المضيفة على الحصول على تاشيرة للسياحة , قمت باعداد حقائبي وتوجهت للمطار بعد ان اعطاني والدي مبلغا محترما من المال ,كنت قد انفقت جزءا منه في شراء بعض الملابس التي تليق بالمناسبة, وبعض الاحذية وما الى ذلك من الاشياء التي يمكن ان احتاجها, والتي حسب رايي تظهر ذوقي الانيق. وصلت الى الوجهة المقصودة بعد رحلة طويلة دامت عدة ساعات, استقبلتني عمتي وزوجها وبناتها اجمل استقبال, وبعد ذلك بعثت رسالة الى الزوج المستقبلي اخبره بوصولي, وبامكانية لقائنا في احدى الاماكن العامة متى كان ممكنا, لكني فوجئت انه قد سافر لبلده الاصلي لبضعة ايام لانه اضطر لذلك, وانه يمكننا ان نلتقي لاحقا عند عودته, احسست بنوع من خيبة الامل, لكن قلت لنفسي لا باس, ربما كان مضطرا للسفر, وانا ساغتنم الفرصة للتجول والتبضع ورؤية هذا البلد الجميل, كان من حين لاخريتصل بي او يرسل رسالة تعبر عن رغبته في اللقاء بي و وشوقه الي,بعد بضعة ايام تمكن من العودة وكان اللقاء, كان رجلا وسيما, انيقا, يتحدث بكل لباقة, تحدثنا في  كل شيء وتعرفنا على بعضنا اكثر, وفي نهاية اللقاء عدت الى المنزل صحبة ابنة عمتي, كنت كما لو اني اطير فوق السحاب, اعجبت به وبكل تفصيلة فيه, واعتبرت نفسي جد محظوظة, والفضل في ذلك يعود بعد الله سبحانه وتعالى الى ابنة عمتي طبعا, توالت المحادثات واللقاءات بيننا, وانا اتمنى في كل مرة ان يفاتحني في موضوع الزواج, الى ان جاء اليوم الموعود, بينما كنا في احد المطاعم, قال انه يريد ان يفاتحني في موضوع مهم, بدا قلبي يخفق من شدة الفرح, فلا شك انه سوف يطلب مني الزواج ونضع النقط على الحروف,لكن الصدمة هي انه طلب مني العمل في احدى النوادي الليلية التي كان يديرها, و قال انها ستكون اول خطوة وبعد ذلك يمكننا الزواج, كان يخيل لي انني احلم, ماذا يعني هذا؟ هل يعني انه انسان مخادع, انتهازي؟هل هذا يعني انه لا يحبني ولم يحبني ابدا؟ او يعني انه من اولئك الذين يستدرجون الفتيات لاستغلالهم؟  للاسف نعم, انه كل من هؤلاء, اولئك الذين اهم شيء بالنسبة لهم الربح المادي فقط, والذين يضربون الاخلاق والمبادئ والقيم عرض الحائط, فجاة استعدت وعيي وسالته بغضب  سؤالا ساذجا لا داعي لطرحه:وماذا يمكنني ان اشتغل انا في ملهى ليلي ؟اجاب بكل برود: انت شابة جميلة, يكفي ان تجالسي بعض الاشخاص من حين لاخر, فالامر ليس بالصعب, ولن يطلب منك اكثر من ذلك, بالمقابل سوف تربحين مبالغ محترمة من المال, نهضت دون ان اعلق  وانا لا استطيع استيعاب ما يجري, كنت انتظر ان يناديني ويقول انها مجرد مزحة, لكنه لم يفعل, احسست بالدوار وبالغثيان,وبتشوش ذهني كبير, بل هيء لي انني قد اصبت بتوقف لحظي للوعي, وان قلبي قد توقف عن النبض. وصلت الى بيت عمتي في حالة يرثى لها بعد ان جلست وحيدة في احد الاماكن لترتيب افكاري وفهم ما وقع, سالتني ابنة عمتي عن اخر الاخبار فاخبرتها بما وقع والدموع تملا عيوني, اخذت هاتفها واتصلت به, وبدات تصرخ وتتكلم بصوت عال غاضب, بعد ذلك قالتلي انها هي كذلك تم خداعها من طرفه لانه كان دائما يقول انه مدير لاحدى الشركات المرموقة وانه يود الزواج فعلا من شابة مغربية.حتى لا اطيل عليكم حاولت تجاوز هذه الكارثة او تناسيها رغم انه من الصعب فعل ذلك, وحمدت الله ان الامر وصل الى هذا الحد فقط, لانه كان من الممكن ان اجد نفسي متورطة في احد  الاعمال المشبوهة, كان من الممكن ان ادفع ثمنا غاليا لسذاجتي ان لم اقل غبائي, لا اخفي عليكم, فقدت الرغبة في الخروج والتجول, وبدات احسب الايام حتى اتمكن من  الرجوع الى بلدي, والى منزلي المتواضع حيث اشعر بالامن والامان في احضان والدي.
هو حاول الاتصال بي عدة مرات, اجبته في احداها بعد ان استجمعت قوتي حتى اقول ما لم استطع قوله في لقائنا الاخيرلاني كنت اجس بحرقة شديدة وباهانة لا مثيل لها: اخبرته انه شخص غير محترم, ساقط, وليست كل الفتيات سواسية, صحيح هناك من يحلمن بمثل هذا العمل لسبب من الاسباب, لكن الاغلبية تفضلن الجوع والحرمان بل الموت بدل قبوله, استرسلت قائلة ان قدومي الى هنا لا يعني اني منحلة الاخلاق, ولا لاني بدون مبادئ وانما الانثى في بعض الاحيان تضع عقلها جانبا وتجعل القلب محركها, لذلك يمكن ان تقع احيانا في بعض الاخطاء خاصة اذا التقت بذكر ذئب مثلك يحاول استغلالها واستنزافها, كنت اتحدث دون انقطاع وكاني كنت  اخاطب نفسي والومها على مافعلت, لاني كنت احس بمزيج من الندم والحزن والاهانة والخجل من والدي اللذان كانا يثقان بي ثقة عمياء,نعم , لقد غضبت من نفسي غضبا لا مثيل له, لدرجة اني احسست بنوع من الاشمئزازمنها, وعدم الرضى عليها, اين كان عقلي؟ واين كانت كرامتي وعزتي بنفسي عندما قبلت بالموضوع من اوله؟ وكاني كنت شخصا اخر لم يسبق لي ان عرفته. بعد ان قلت ما كنت اود قوله, انهيت المكالمة قمت بحظر رقم هاتفه حتى لا اسمع صوته مرة اخرى.
بعد انتهاء العطلة بمشقة الانفس, عدت الى المغرب محاولة نسيان هذه التجربة المريرة, والم الاحساس بفشلها مع ضرورة تذكر العبرة منها وهي: لا يصح الا الصحيح.

No comments